الانتماء إلى الانسانية

لا شك أن الشعور بالانتماء إحساس رائع سواء كان الانتماء للأسرة أو المجتمع أو الوطن إحساس يوّلد الأمان بأن الإنسان بإمكانه رغم الظروف والتحديات أن يجد من يسانده ويهتم لشأنه خاصة إذا ما كانت هذه الأسرة أو المجتمع أو الوطن على قدر من الحضارة والعلم والالتزام بالقيم والأخلاقيات.

فما أحوجنا في هذا الوقت الذي نجابه فيه التحديات من كل مكان، إقتصادية كانت أوسياسية أوبيئية أوصحية أوإجتماعية من أن نعمق ونرسخ لثقافة مهمة قوامها الانتماء إلى الإنسانية، فنحن جميعاً بنو البشر جئنا من صلب آدم.

فمهما أختلفت أجناسنا وأعراقنا وديانتنا ولغتنا وثقافتنا نعيش في كل بقاع الكرة الأرضية موزعين في مجتمعات صغيرة وكبيرة، مدن ودول وقارات، ورغم كل هذه الفواصل (الحدود) والبعد الجغرافي، إلا أننا وبفضل الله والتقدم العلمي والتكنولوجيا في مجال المواصلات والإتصالات استطعنا أن نتواصل من خلال الوسائل التكنولوجية وأصبح السفر بكافة وسائله أمراً سهلاً مما زاد من التقارب والتعاون ووضع الاتفاقيات والأنظمة المشتركة وتماثلت وتكاملت جهود العديد من دول العالم للارتقاء بعمليات التصنيع والانتاج من أجل التنوع الاقتصادي والتطور البشري.

كما عملت المنظمات والهيئات المتخصصة على مستوى العالم في تقديم الدعم والخبرات من أجل أن ينتفع الجميع ويحظى بفرص التطوير وتحقيق أهداف التنمية. كما أن بعض هذه المنظمات والهيئات عملت على تقديم المساعدات الانسانية لتخفيف معاناة البشر في مناطق متعددة من العالم التي ألمت بها الكوارث الطبيعية ومزقتها الحروب والنزاعات، وبدا واضحاً أنه لا يمكن لأي جموع بشرية أن تعيش بمعزل عن المؤثرات التي توجد في أي مناطق أخرى بعيدة أو قريبة.

إذ أصبح البشر يتشاركون في مخرجات النجاح والفشل يؤثرون ويتأثرون، وبدا أن حلقة التقارب والتواصل تضيق عما كانت عليه، وهذا يجعل التأثير والتأثر أسرع في كل مجالات الحياة.

إن كل هذا يفرض على الجميع مسؤولية ممتدة جيلاً بعد جيل هي ترسيخ ثقافة الولاء والانتماء روحاً وعملاً بيننا كأخوة في الإنسانية التي تجمعنا تحت مظلتها.

كما يتوجب أن يسود الاحترام المتبادل ويتعزز الانتماء وتتزايد جسور التواصل والاتصال بين شعوب العالم، مع العمل على نبذ مشاعر الكراهية والعداء والاستعلاء، وتعزيز المحبة والصداقة، ليسود الأمن والسلام والاستقرار، مع احترام سيادة كل دولة وخصوصية مجتمعها.

وعلينا أن نمد يد العون والمساعدة إلى من يحتاجها وأن نتضامن جميعاً لمواجهة أي تحدٍ وأن نتأخذ من التسامح الحقيقي منهج حياة يلغي كافة أشكال النزاعات ويجعلنا نعمل لصالح الجميع وللخير فقط.

فاطمة بنت مبارك